غزوة أحد
الحمد لله له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي جاهد في الله -تعالى- من غير توان ولا تقصير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم يرجعون، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعرفوا ما أبلاه سلف هذه الأمة من بلاء حسن، في نصرة هذا الدين، وما صبروا عليه من الشدائد في إعلاء كلمة رب العالمين، فإنهم جاهدوا في سبيل الله لم يجاهدوا لعصبية، ولا لوطنية، ولا لفخر وخيلاء.
وفي شهر شوال من السنة الثالثة من الهجرة، كانت غزوة أحد.
وهو الجبل الذي حول المدينة، والذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: «أحد جبل يحبنا ونحبه».
وذلك أن المشركين لما أصيبوا بفادحتهم الكبرى، يوم بدر خرجوا ليأخذوا بالثأر من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، في ثلاثة آلاف رجل، ومعهم مائتا فرس مجنبة.
فلما علم بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استشار أصحابه في الخروج إليهم، فخرج بنحو ألف رجل، فلما كانوا في أثناء الطريق انخزل عبد الله بن أبي رأس المنافقين بمن اتبعه من أهل النفاق والريب، وقالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم.
فتعبأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقتال في سبعمائة رجل فقط، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، وأمر على الرماة عبد الله بن جبير، وقال: «انضحوا عنا الخيل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا، فاثبتوا مكانكم».
فأنزل الله نصره على المؤمنين، وصدقهم وعده، فكشفوا المشركين عن المعسكر، وكانت الهزيمة لا شك فيها.
ولكن الله قضى وحكم، ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم؛ فإن الرماة لما رأوا هزيمة الكفار ظنوا أنهم لا رجعة لهم، فتركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلزومه، فكر فرسان من المشركين، ودخلوا من ثغر الرماة، ففاجئوا المسلمين من خلفهم، واختلطوا بهم، حتى وصلوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجرحوا وجهه، وكسروا رباعيته اليمنى السفلى، وهشموا البيضة بيضة السلاح على رأسه، ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه، فعض عليهما أبو عبيدة، فنزعهما وسقطت ثنيتاه من شدة غوصهما في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونادى الشيطان بأعلى صوته: أن محمدا قد قتل، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين، وفر أكثرهم، فبقي النبي -صلى الله عليه وسلم- في سبعة من الأنصار، ورجلين من المهاجرين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «من يردهم عنا وله الجنة» [مسلم (1789) أحمد (3/286)].
فتقدم الأنصار واحدا واحدا، حتى قتلوا، وترس أبو دجانة في ظهره على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والنبل يقع فيه، وهو لا يتحرك.
واستشهد في هذه الغزوة سبعون رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ منهم: أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب، عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيد الشهداء.
ومنهم: عبد الله بن جحش دفن هو وحمزة في قبر واحد.
ومنهم: مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، صاحب اللواء.
ومنهم: سعد بن الربيع -رضي الله عنه- بعث إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت يقرئه السلام، فوجده في آخر رمق، وفيه سبعون ضربة، فقال له: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ عليك السلام، ويقول: «كيف تجدك؟» قال: وعلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السلام، قل له: أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: "لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفيكم عين تطرف".
ثم فاضت نفسه -رضي الله عنه-.
ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين، قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ما تصنعون بالحياة بعده، قوموا فموتوا على ما مات عليه؟ ثم لقي سعد بن معاذ، فقال: يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد، فقاتل حتى قتل ووجد به نحوا من سبعين ضربة.
فلما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان، وكان رئيس المشركين يومئذ، ثم أسلم بعد، أشرف على الجبل، يسأل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلم يجيبوه إهانة له واحتقارا، قال أبو سفيان لأصحابه: أما هؤلاء فقد كفيتموهم؟ فلم يملك عمر نفسه أن قال: "كذبت يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله لك ما يسوءك، ثم قال أبو سفيان مفتخرا بصنمه: اعل هبل، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم» (البخاري (2874) أحمد (4/293)).
ثم انصرف أبو سفيان بأصحابه، فلما كانوا في أثناء الطريق تلاوموا فيما بينهم، ليرجعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فيستأصلونهم، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فنادى في الناس ليخرجوا إلى عدوهم، وقال: «لا يخرج معنا إلا من شهد القتال في أحد».
فاستجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، والبلاء المبين، حتى بلغوا حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة، فأنزل الله فيهم: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: 173 - 174].
رزقني الله وإياكم محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأتباعهم ظاهرا وباطنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ... الخ...
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة