وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
الحمد لله الغني الجواد الكريم الرؤوف بالعباد، من علينا بنعم لا يحصى لها تعداد، ويسر لنا من فضله وجوده حتى عم الرخاء الحاضر والباد، ورزقنا أمنا واستقرارا حتى أصبح الواحد يسيرا آمنا لا يخاف إلا الله في جميع البلاد، أحمد وأشكره، وكلما شكر زاد.
وأشهد أن لا إله إلا هو واسع الجود، فما لما عنده نفاد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الشاكرين على النعم وأعظمهم صبرا على ما لا يراد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا ربكم واشكروه، فلقد: ﴿تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾.
أيها الناس: أما ترون نعم الله تترى عليكم في كل وقت وحين: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾.
أما ترون إلى نعمته عليكم بدين الإسلام، حيث أنشأكم في بيئة مسلمة، تقرأ كتاب الله -تعالى- وتسمع من سنة رسوله؟
أنشأكم في بيئة تقام بها الصلوات، ويدعى إليها بالآذان بأعلى الأصوات.
أنشأكم في بلاد لا ترى -ولله الحمد- فيها كنيسة ولا صومعة، وإنما هي مسجد ومدرسة، حتى صار الإسلام كأنما هو طبيعة من الطبائع، وغريزة من الغرائز، لا يشق عليكم نيله وإدراكه.
وهذه -والله- أكبر النعم، فاشكروها -أيها المسلمون- حق شكرها.
اشكروها بالتمسك بها، وارعوها حق رعايتها، فلئن لم تفعلوا لتسلبن عنكم هذه النعمة، ويحل بدلها شعار الكفر والبدع والضلال.
لئن لم تشكروها بالتمسك بها لتفتحن في بلادكم مدارس النصارى، وكنائس الرهبان.
إن العاقل ليقيس ويفهم، فكما أن نعمة الأمن إذا لم تشكر أبدلت بالخوف، ونعمة الرزق إذا لم تشكر أبدلت بالجوع، كذلك نعمة الدين إذا لم تشكر أبدلت بالكفر: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.
إن الإسلام أعز ممن ينتمي إليه، فإذا لم يجد أناسا يعرفون قدر نعمة الله عليهم به، ويعضون عليه بالنواجذ، ويرونه غنيمة ادخرها الله لهم، فسوف يرتحل عنهم إلى غيرهم، وسيجعل الله على هذه الأرض طائفة على الحق، حتى يأذن الله بخراب العالم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله» [مسلم (1920) الترمذي (2229) أبو داود (4252) ابن ماجة (3952) أحمد (5/279)].
أيها الناس: أما ترون إلى ما أنعم الله به عليكم من نعمة الأمن والاستقرار، يسافر الرجل وحده من أقصى المملكة إلى أقصاها آمنا غير خائف، مستقرا غير قلق، معه الأموال الكثيرة، لا يخاف عليها، ولا على نفسه من أجلها.
أما ترون إلى ما أنعم الله به عليكم من الأرزاق من قوت وفاكهة، وملابس متنوعة، ووسائل راحة من جميع الوجوه؟
أما ترون إلى ما أنعم الله به عليكم هذا العام من الأمطار المباركة التي أحيا الله بها الأرض بعد موتها، وأنبتت من كل زوج بهيج؟
فاشكروا الله -أيها المسلمون-: على هذه النعم، اشكروه حق شكره، شكرا حقيقيا، فإن الشكر اعتراف العبد بقلبه، بنعمة الله، وأن يؤمن إيمانا صادقا بأن هذه النعم محض فضل من الله -تعالى-، ليس له على الله منة فيها، وإنما المنة لله -تعالى- فيها عليه.
لا يقل كما قال قارون: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾.
ولا يقل كما يقول الكافر فيما حكى الله عنه: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي ﴾.
أي أنني كفء له، ومستحقه، أنكر أن يكون من فضل الله عليه.
وإن الشكر -أيها المسلمون: ثناء على الله بنعمته عليك، وحمد له، وتحدث بها على سبيل الثناء على الله، لا على سبيل الافتخار بها على عباد الله: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.
وإن الشكر عمل بطاعة الله فعل لأوامره، واجتناب لما نهى عنه.
فمتى قام العبد بهذه الأركان الثلاثة، فقد شكر الله شكرا حقيقا.
أما إذا كان يعتقد أن ما أصابه من نعم الله؛ فهو مستحق له، ولا منة لله عليه فيه، فهذا كافر بنعمة الله، معجب بعمله، مغرور بنفسه، فمن هو حتى لا يكون لله عليه منه.
وإذا كان لا يثني على الله بنعمته، فكلما سئل عن حاله صار يشتكي ويتألم ويجحد ما أنعم الله به عليه، ورأى أنه قد ظلم حيث لم يحصل له مثل فلان وفلان؛ فهذا أيضا كافر بنعمة الله عليه، محتقر لها، وما يدريه لعله لو حصل له ما حصل لفلان لكان سببا لأشره وبطره وإعراضه عن الله.
وإذا كان لا يستعين بنعم الله على طاعته، بل كانت نعم الله عليه سببا لأشره وبطره وإهماله لواجبات دينه ووقوعه في المعاصي؛ فإنه قد بدل نعمة الله عليه كفرا، ويوشك أن يسلبه الله هذه النعمة، أو يغدقها عليه استدراجا، من حيث لا يعلم، فلا يزال على ذلك حتى يخرج من نعيمه في الدنيا إلى عذابه في الآخرة.
أيها المسلمون: إن من وفق للشكر، فقد حصل له نعيم الدنيا والآخرة، يعيش حميدا، قائما بأمر الله، ويموت سعيدا، خالدا في ثواب الله.
ومن كفر أوشك أن يحل عليه عذاب الله: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك.
اللهم أصلح ولاة أمورنا، وأصلح رعيتنا، ووفقنا لما تحب وترضى، إنك جواد كريم.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة