من مفاسد الزنا
الحمد لله الذي أوضح لعباده طرق الهداية، ويسر لهم أسباب النجاة والوقاية، وأنزل كتابًا يشتمل على العلم والدراية. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في العبادة والولاية، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أيد الله به الدين ونصره بالحماية، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة، وسلم تسليمًا.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وتدبروا كتابه، وتفهموا لمعانيه، وصدقوا أخباره، واعلموا بما فيه: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾.
إن كتاب الله لم ينزل للتبرك بتلاوته، ولا لطلب الأجر بتلك التلاوة؛ بل هذا جزاء مما نزل من أجله، إنما الأهم أنه نزل كما سمعتم كلام منزله سبحانه وتعالى؛ لتتدبروا آياته بالتفهم والتفكير والعلم، ثم تتذكروا بالموعظة بما فيها من أحكام رشيدة، وحكم بالغة، فكم من قارئ للقرآن والقرآن خصم له يوم القيامة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: «والقرآن حجة لك أو عليك» (رواه مسلم).
فهما أمران لا ثالث لهما: إما أن يكون القرآن حجة لك، يحاج دونك حتى تبلغ به الجنة؛ وذلك حين تعمل به تصديقا وتطبيقا، وإما أن يكون حجة عليك، حينما تعرض عنه، ولا تعمل به.
أيها المسلمون: إن من أحكام القرآن وهدايته: الحث على التمسك بالأخلاق الفاضلة، والآداب العالية، والزجر عما يخل بالشرف والعفاف.
ومن أجل ذلك حرم الزنا، وأخبر أنه فاحشة يستفحشه كل ذي فطرة قويمة، وعقل سليم، وحذر منه بعقوبة الدنيا والآخرة، عقوبة الدنيا بالحد جلد مئة، وتغريب عام، أي تسفير عن البلد لمن كان غير متزوج، والرجم بالحجارة إلى الموت لمن كان قد تزوج.
إن جريمة تؤدي إلى القتل لجريمة بالغة، تعبر عن كون مرتكبها غير صالح للبقاء في المجتمع، فهو جرثومة فاسدة، يجب القضاء عليها، حتى لا تفسد المجتمع كله.
وأما عقوبة الزنا في الآخرة؛ فقد قال الله -تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
وفي صحيح البخاري: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في المنام ثقبا مثل التنور، أعلاه ضيق، وأسفله واسع، فيه لغط وأصوات، فاطلع فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، يأتيهم لهب من أسفل منهم، فسأل عنهم، فقيل له: هم الزناة والزواني» (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (رواه البخاري ومسلم).
وقال: «إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان، فكان عليه كالظلة، فإذا أقلع -أي تاب رجع - إليه الإيمان» (رواه أبو داود).
وقال: «إذا ظهر الزنا والربا في قرية أحلوا بأنفسهم عذاب الله» (رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد).
أيها المسلمون: إن الزنا بالإضافة إلى هذه العقوبات فيه مفاسد عظيمة، يفسد القلب والفكر، ويوجب الذل والعار، ويضيع النسل، ويخلط الأنساب، وينشر الأمراض التناسلية، فهو فساد في الدين والدنيا، والفرد والمجتمع.
ومن ثم جاءت الآية الكريمة بالنهي عن قربانه، فقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾.
والنهي عن قربانه نهي عن جميع الأسباب الموصلة إليه؛ كاللمس والنظر؛ فلا يحل للمؤمن أن يتمتع تمتعًا نفسيًّا أو جنسيًّا؛ أعني سواء كان تمتعه بالنظر ونحوه مجرد راحة نفسية، أو لأجل التمتع الجنسي والشهوة، فكل ذلك حرام، ولا يجوز في غير الزوجة، قال الله -تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾.
أيها الناس: إن كثيرًا من ذوي النفوس السافلة والإرادات الضعيفة، غلبتهم نفوسهم، حتى أطلقوا لها العنان في التمتع بالنظر إلى النساء، فأصبحوا أسرى لأهوائهم المنحرفة، حتى صدَّهم ذلك عن ذكر الله، وعن مصالحهم، فصار همهم التجول في الأسواق لغير غرض ولا حاجة، سوى مطاردة أهوائهم التي لا ينالون من ورائها إلا الهم، والأماني الكاذبة، لعب الشيطان بعقولهم، حتى أنزلهم إلى مشاركة البهائم: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا﴾.
أيها الناس: إن على المجتمع أن يتتبع أمثال هؤلاء، وينتشلهم مما وقعوا فيه، بنصيحتهم وزجرهم وعقوبتهم، ومنع الأسباب التي تغريهم، ومن أهمها: منع خروج النساء من البيوت إلا لحاجة، لا يمكن قضاؤها من قبل الرجال.
إن على ولي كل امرأة من أب أو أخ، أو عم أو أي ولي آخر، يرعى حرمه من الفساد وأسبابه.. أن يمنعها من الخروج في حالة تُوقِع في الفتنة، من التجمل والتطيب، وأن يراعي حركاتها وسكناتها وسلوكها في المدرسة، وفي البيت، وغير ذلك.. كما يراعي ذلك في أبنائه؛ لأن الجميع في ذمته مسؤول عنهم، حيث حمله الله مسؤوليتهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
وفقني الله وإياكم لصالح الأعمال، وحسن الآداب، وجنبنا أسباب الشر والفساد، وأصلح الله لنا النية والعمل والأهل والولد؛ إنه جواد كريم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ...
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة