مضار الخمر والتحذير منه
الحمد لله الذي أباح لعباده جميع الطيبات، وحرم عليهم الخبائث والمضرات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل العظيم، والعطاء العميم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم القويم، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- وتمتعوا بما أباح الله لكم من الطيبات، واشكروه عليها بأداء حقوقه التي أوجبها عليكم، فإن الشكر سبب لدوام النعم ومزيدها، واحذروا ما حرمه عليكم من المطاعم والمشارب، فإنه لو كان فيها خير لكم ما حرمها عليكم؛ لأنه الجواد الكريم، وإنما حرم عليكم ما فيه ضرركم دينا ودنيا رحمة بكم، وهو الرؤوف الرحيم.
فمما حرمه الله عليكم في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأجمع على تحريمه المسلمون: الخمر الذي سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- أم الخبائث، وقال: «هي مفتاح كل شر» (رواه ابن ماجه).
وأخبر الله في كتابه: أنه: ﴿رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾.
ووردت الأحاديث الكثيرة في تحريمه، والتحذير منه، والوعيد على شربه، قال أنس بن مالك -رضي الله عنه: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها، وشاربها وحاملها والمحمولة إليه، وساقيها وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له» (رواه الترمذي وابن ماجه). كل هؤلاء ملعونون على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (رواه البخاري ومسلم)، وقال: «مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن» (رواه ابن ماجه)، وقال: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخـرة» (رواه البخاري ومسلم)، وقال: «لا يدخل الجنة مدمن خمر» (رواه ابن ماجه وأحمد)، وقال: «إن عند الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينه الخبال، قيل: وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار القيح والدم، ومن شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا» (رواه مسلم).
والخمر: اسم جامع لكل ما خامر العقل؛ أي غطاه سكرا وتلذذا من أي نوع كان.
وقد ذكر علماء الشريعة والطب والنفس والاجتماع للخمر مضار كثيرة؛ فمن مضاره: أنه يصد عن ذكر الله، وعن الصلاة؛ لأن صاحبه يتعلق به، ولا يكاد يفارقه، وإذا فارقه كان قلبه معلقا به.
ومن مضاره: ما فيه من الوعيد الشديد والعقوبات.
ومن مضاره: أنه يفسد المعدة، ويغير الخلقة، فيتمدد البطن، وتجحظ العيون، والسكارى يسرع إليهم تشوه الخلقة والهرم، وحدوث السل الرئوي، وتقرح الأمعاء، وإضعاف النسل، أو قطعه بالكلية.
ومن مضاره: فساد التصور والإدراك عند السكر، حتى يكون صاحبه بمنزلة المجانين، ثم هو بعد ذلك يضعف العقل، وربما أدى إلى الجنون الدائم.
ومن مضاره: إيقاع العداوة والبغضاء بين شاربيه، وبينهم وبين من يتصل بهم من المعاشرين والمعاملين؛ لأن قلوب أهل الخمر معلقة به، فهم في ضيق وغم لا يفرحون ولا يسرون بشيء إلا بالاجتماع عليه كل كلمة تثيرهم، وكل عمل يضجرهم.
ومن مضاره: قتل المعنويات، والأخلاق الفاضلة، وأنه يغري صاحبه بالزنا واللواط، وكبائر الإثم والفواحش.
فصلوات الله وسلامه على من سماه أم الخبائث، ومفتاح كل شر.
ومن مضاره: أنه يستهلك الأموال، ويستنفد الثروات، حتى يدع الغني فقيرا، وربما بلغت به الحال أن يبيع عرضه، أو عرض حرمه للحصول عليه.
ولقد كانت الدول الكافرة المتحضرة تحاربه أشد المحاربة، وتكون الجمعيات العديدة للتحذير منه، والسعي في منع المجتمع منه؛ لما علموا فيه من المضار الخلقية والاجتماعية والمالية.
وقد سبقهم الإسلام إلى ذلك، فحذر منه غاية التحذير، ورتب عليه من العقوبات الدنيوية والأخروية، ما هو معلوم لعامة المسلمين، حتى جاء في الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه» (رواه أبو داود وأحمد).
وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين حرمت الخمر أن تراق في الأسواق، وتكسر أوانيها.
وحرق أمير المؤمنين عمر بيت رجل، يقال له: "رويشد" كان يبيع الخمر، وقال له: "أنت فويسق، ولست برويشد".
والحشيش من الخمر؛ بل هو أخبث منه من جهة إفساد العقل، والمزاج، وفقد المروءة، والرجولة؛ فإن متعاطيها تظهر عليه علامات التخنث والدياثة على نفسه، حتى تنحط غريزته الجنسية إلى طبع أقبح من طبع النساء.
وهذه المضار التي ذكرناها، وما هو أكثر منها؛ منها ما هو ظاهر، ومنها ما يظهر سريعا، ومنها ما يتأخر.
وأعظم من ذلك عقوبة الآخرة التي لا فكاك منها إلا بالتوبة إلى الله، والرجوع إليه.
جنبني الله وإياكم منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء، ووفقنا للتوبة النصوح والرجوع إليه، وعافانا من البلاء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله -تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة