قصة موسى مع فرعون
الحمد لله العلي الكبير، المتفرد بالخلق والتقدير والتدبير، الذي أعز أولياءه بنصره، وأذل أعداءه بخذله، فنعم المولى ونعم النصير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المآب والمصير، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- واذكروا أيام الله لعلكم تتذكرون، واذكروا أيام الله بنصر أوليائه لعلكم تشكرون، واذكروا أيام الله بخذلان أعدائه لعلكم تتقون، واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده، فقضى بينهم بفضله وعدله، لعلكم توقنون.
إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة، هو نصر للحق، وذلة للباطل، وأخذ للمتكبر، ونعمة على المؤمنين، إلى قيام الساعة.
لقد أرسل الله موسى -صلى الله وسلم عليه وعلى نبينا وإخوانهما من النبيين والمرسلين- أرسله إلى فرعون بالآيات البينات، ودعاه إلى توحيد رب الأرض والسماوات، فقال فرعون منكرا وجاحدا: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.
فأنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره الأرض والسماوات، وكان له آية في كل شيء من المخلوقات، فأجابه موسى: هو: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ﴾.
ففي السماوات والأرض وما بينهما من الآيات ما يوجب الإيقان للموقنين، فقال فرعون لمن حوله ساخرا ومستهزئا بموسى: ﴿أَلَا تَسْتَمِعُونَ﴾.
فذكره موسى بأصله وأنه مخلوق من العدم، وصائر إلى العدم، كما عدم آباؤه الأولون، فقال موسى هو: ﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾.
وحينئذ بهت فرعون، فادعى دعوى المكابر المغبون، فقـال: ﴿قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾.
فطعن بالرسول والمرسل فرد عليه موسى ذلك، وبين له أن الجنون إنما هو إنكـار الخـالق العظيم، فقـال: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾.
فلما عجز فرعون عن رد الحق، لجأ إلى ما لجأ إليه العاجزون المتكبرون من الارهاب، فتوعد موسى بالاعتقال والسجن وخاب، فقال: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾.
ولم يقل لأسجننك، ليزيد في إرهاب موسى، وإن لدى فرعون من القوة والسلطان والنفوذ ما مكنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حد تهديده وإرهابه، وما زال موسى يأتي بالآيات كالشمس وفرعون يحاول بكل مجهوداته ودعاياته أن يقضي عليها بالرد والطمس، حتى قال لقومه: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ*فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ﴾.
وكان من قصة إغراقهم: أن الله أوحى إلى موسى أن يسري بقومه ليلا من مصر، فاهتم لذلك فرعون اهتماما عظيما، فأرسل في جميع مدائن مصر أن يحشر الناس للوصول إليه لأمر يريده الله، فجمع فرعون قومه، وخرج في إثر موسى، متجهين إلى جهة البحر الأحمر: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾.
البحر من أمامنا، فإن خضناه غرقنا، وفرعون وقومه خلفنا، فإن وقفنا أدركنا، فقال موسى: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾.
فلما بلغ البحر أمره الله أن يضربه بعصاه فضربه، فانفلق البحر اثنى عشر طريقا، وصار الماء السيال بين هذه الطرق، كأطواد الجبال.
فلما تكامل موسى وقومه خارجين، وتكامل فرعون بجنوده داخلين، أمر الله البحر أن يعود إلى حاله، فانطبق على فرعون وجنوده، فكانوا من المغرقين.
فانظروا -رحمكم الله-: إلى ما في هذه القصة من العبر والآيات، كيف كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل، خوفا من موسى، فتربى موسى في بيته تحت حجر امرأته؟
وكيف قابل موسى هذا الجبار العنيد مصرحا معلنا بالحق هاتفا به، ألا إن ربكم هو الله رب العالمين، فأنجاه الله منه؟
وكيف كان الماء السيال شيئا جامدا كالجبال بقدرة الله، وكان الطريق يبسا لا وحل فيه في الحال؟
وكيف أهلك الله هذا الجبار العنيد، بمثل ما كان يفتخر به، فقد كان يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته، فأهلك بالماء؟
ولا شك أن ظهور آيات الله في مخلوقاته نعمة كبرى يستحق عليها الحمد والشكر، خصوصا إذا كانت في نصر أولياء الله وحزبه، ودحر أعداء الله وحزبه، ولذلك لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر، شهر المحرم، ويقولون: إنه يوم نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصـامه موسى شكرا، فقـال النبي -صلى الله عليه وسلم: «فنحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر الناس بصيامه».
وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صيامه، فقال: «احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
فينبغي للمسلم: أن يصوم يوم عاشوراء، وكذلك اليوم التاسع، لتحصل بذلك مخالفة اليهود التي أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم … الخ…
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة