حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
الحمد لله القوي العظيم، الرؤوف الرحيم، يقضي بالحق ويحكم بالعدل وهو الحكيم العليم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة من العذاب الأليم، والفوز بالنعيم المقيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحق، الداعي إلى صراط مستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم في هديهم القويم، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -سبحانه-، واشكروه على ما أنعم به من حماية الدين والنفس والمال والعرض.
حمى لكم الدين؛ بما أقام عليه من الآيات البينات على صحته، لتأخذوا به عن بصيرة وبرهان.
وحمى لكم الدين؛ بما رتب على القيام به من الثواب، لترغبوا فيه، وتستقيموا عليه.
وحمى لكم الدين؛ بما رتب على مخالفته من العقاب، حتى لا تخرجوا عنه.
وحمى لكم الدين؛ بما كتب عليكم من الجهاد بالمال والنفس، لتحموه، وتدافعوا عنه.
ولقد حمى الله النفوس، وأكد تحريمها وحرمتها في كتابه وسنة رسوله؛ ليستقيم المجتمع، ويحل فيه الآمن.
قرن الله الاعتداء على النفس بالاعتداء على الدين؛ فقرن القتل بالشرك، قال الله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان: 68].
قال تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 151].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق» [البخاري (2615) مسلم (89) النسائي (3671) أبو داود (2874)].
وذكر تمام الحديث.
وقال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» [البخاري (48) مسلم (64) الترمذي (1983) النسائي (4108) ابن ماجة (69) أحمد (1/439)].
وقال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما» [البخاري (6469) أحمد (2/94)].
وقال: «لزوال الدنيا يعني كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم» [الترمذي (1395) النسائي (3987)].
ومن أجل ذلك جعل الله في القتل المتعمد عقوبات غليظة، وقصاصـا ثابتـا، فقـال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93].
جزاء مروع، نار، وغضب، ولعنة، وعذاب عظيم.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» [الترمذي (1398)].
ومن أجل حماية النفس: شرع الله القصاص، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: 178].
هذا في هذه الأمة.
وقال في بني إسرائيـل: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: 45].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» [البخاري (6484) مسلم (1676) الترمذي (1402) النسائي (4016) أبو داود (4352) ابن ماجة (2534) أحمد (1/382) الدارمي (2298)].
وخفف هذه الفريضة بأن جعل لأولياء المقتول الخيرة بين القصاص والدية والعفو إذا كان خيرا، فقال سبحانه: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: 178].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي أو يقاد» [البخاري (6486) مسلم (1355) ابن ماجة (2624) أحمد (2/238) الدارمي (2600)].
وأبطل الله ما يتوهمه ذو الوهم الفاسد من أن القصاص زيادة في القتل، فقال سبحانه: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 179].
ولقد حمى الله الأموال بما أحاطها من العقوبات في الاعتداء عليها، فقـال تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188].
وأوجب الله قطع يد السارق حماية للأموال، فقال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38].
إن قطع يد السارق، هو الحكمة البالغة، والمصلحة الظاهرة.
فيد السارق تقطع بربع دينار، ولو اعتدى شخص على يد إنسان فقطعها كانت ديتها خمسمائة دينار، رعاية لحماية المال، ولحماية النفس.
أما حماية الأعراض؛ فقد أتقنها الإسلام من كل ناحية، سواء من الناحية الخلقية، أو الاجتماعية.
فمن الناحية الخلقية أوجب الله الحد على من هتك الأعراض بالزنا، وذلك برجمه بالحجارة، حتى يموت إذا كان محصنا، وهو المتزوج، سواء كان رجلا أم امرأة.
وأما غير المحصن، فيجلده مائة جلدة، وينفى عن البلد سنة كاملة، رجلا كان أم امرأة.
وأما اللواط، وهو إتيان الذكر الذكر، ففيه القتل بكل حال، إذا كان بالغا، والتعزير البليغ لغير البالغ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» [الترمذي (1456) أبو داود (4462) ابن ماجة (2561) أحمد (1/300)].
وأوجب الله الحد على من قذف محصنا بالزنا، فقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور:4].
فمن قال لشخص عفيف: يا زاني، فعليه ثمانون جلدة إلا أن يأتي بأربعة شهداء، أو يقر المقذوف بذلك.
وأما حماية الأعراض، من الناحية الاجتماعية؛ فقد حرم الله بين المسلمين السخرية واللمز والتنابز بالألقاب السيئة والغيبة، وهي ذكرك أخاك بما يكره في غيبته.
ذكر الله ذلك في سورة الحجرات في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ﴾ [الحجرات: 11] إلى آخر الآية التي بعدها.
فاحمدوا -عباد الله-: ربكم على ما أنعم به من حماية دينكم وأنفسكم، وأموالكم وأعراضكم، واسألوه الثبات على الدين، وجاهدوا أنفسكم على ذلك، واعبدوه وتوكلوا عليه، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة