مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
الحمد لله الواحد الأحد، القيوم الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد، خلق فسوى، وقدر فهدى، وجعل من الإنسان زوجين ذكرا وأنثى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجباء، وعلى التابعين لهم بإحسان ما دامت الأرض والسماء، وسلم تسليما.
أما بعد،:
فإن في مجتمعنا مشكلة من أهم المشاكل، كل من سمعناه يشكو منها، عند ذكرها، ويود بكل قلبه أن يسلك الناس طريقا إلى حلها، ألا وهي: مشكلة الزواج، فإنها مشكلة من وجهين:
الأول: من جهة المغالاة في المهور، والتزايد فيها، وجعلها محلا للمفاخرة، حتى بلغت إلى الحال التي هي عليها الآن.
ولقد صار بعض الناس الآن يزيد في تطويرها، ويدخل في المهر أشياء جديدة تزيد الأمر كلفة وصعوبة، حتى أصبح المهر في الوقت الحاضر مما يتعسر، أو يتعذر على كثير من الناس، فتجد الكثير يتعب تعبا كبيرا في أول حياته، وعنفوان شبابه، ولا يكاد يدرك ما يحصل به المرأة التي تحصنه.
كل هذا بسبب هذا التصاعد الذي لا داعي له في المهور.
وهذا مما يعوق عن النكاح الذي أمر الله به ورسوله، وهو خلاف المشروع، فإن المشروع في المهور تخفيفها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة».
«وتزوجت امرأة بنعلين، فأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- نكاحها» (الترمذي (1113) ابن ماجة (1888) أحمد (3/445)).
وقال لرجل: «التمس ولو خاتما من حديد» فالتمس فلم يجد شيئا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «هل معك شيء من القرآن؟» قال: نعم سورة كذا وكذا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «زوجتكما -أو قال- ملكتكها بما معك من القرآن»(البخاري (4842) مسلم (1425) الترمذي (1114)النسائي (3280) أبو داود (2111) ابن ماجة (1889) أحمد (5/336) مالك (1118) الدارمي (2201)).
وقال له رجل: يا رسول الله إني تزوجت امرأة على أربع أواق يعني مئة وستين درهما؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «على أربع أواق! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه» (مسلم (1424)).
وقال أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه: "لا تغلوا صدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي -صلى الله عليه وسلم" (رواه الخمسة وصححه الترمذي).
فيا أيها القادر: لا تغال في المهر ولا تفاخر في الزيادة فيه، فإن في مجتمعك من إخوانك من لا يستطيع مباراتك، فالأولى أن تأخذ بالأيسر اتباعا للمشروع، وتحريا لبركة النكاح، ورأفة بإخوانك الذين يعجزون عما تقدر عليه.
وإذا دخلت على أهلك، ورغبت، فأعطهم ما تشاء.
ولو أننا نسلك طريقة لتسهيل الأمر، وتخفيف حدة المغالاة بتأجيل بعض المهر، بأن تقدم من المهر ما دعت الحاجة إليه في النكاح، ونؤجل الباقي في ذمة الزوج لكان هذا جائزا وحسنا.
وفي ذلك تسهيل على الزوج ومصلحة للزوجة، فإن ذلك أدعى لبقائها معه؛ لأنه لو طلقها لحل المهر المؤجل إذا لم يكن له أجل معين.
فانظروا -رحمكم الله-: هذه المشكلة بعين الاعتبار، ولا تجعلوا المهور محلا للمفاخرة والمباهاة، ويسروا ييسر الله عليكم.
أما الوجه الثاني من هذه المشكلة، فهي: امتناع الأولياء من قبول الخطاب، فإن بعض الأولياء يمتنع من تزويج من له عليها ولاية.
وهذا لا يجوز إذا كان الخاطب كفؤا، ورضيته المخطوبة؛ لقوله تعالى في المطلقات إذا أراد زوجها نكاحها بعد تمام العدة: ﴿فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة:232].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه» (الترمذي (1085))، ثلاث مرات.
هذا، وفي منع المرأة من تزويجها بكفئها ثلاث جنايات:
جناية الولي على نفسه بمعصية الله ورسوله.
وجناية على المرأة حيث منعها من كفئها الذي رضيته.
وجناية على الخاطب حيث منعه من حق أمر الشارع بإعطائه إياه.
وإذا امتنع الولي من تزويج موليته بكفء رضيته؛ سقطت ولايته، وصارت الولاية لمن بعده الأحق فالأحق، كما قال أهل العلم -رحمهم الله.
وقالوا: إذا تكرر منه هذا صار فاسقا ناقص الإيمان والدين، حتى قال كثير من أهل العلم: لا تقبل شهادته، ولا تصح إمامته، ولا ولايته، ولا جميع أفعاله وتصرفاته التي يشترط لها العدالة.
فاتقوا الله -أيها الناس-: واتقوا الله -أيها الأولياء-: وزوجوا من ترضون دينه وخلقه، ولا تمنعوا النساء، فإن في ذلك تعطيلا للرجال والنساء، وتفويتا لمصالح النكاح، وانتشارا للمفاسد.
إذا لم يتزوج أبناؤنا ببناتنا فبمن يتزوجون؟
وإذا لم نزوج بناتنا بأبنائنا فبمن نزوجهن؟
أترضون أن يتزوج أبناؤنا بنساء أجنبيات بعيدات عن بيئتنا وعاداتنا ولهجاتنا، فتتغير البيئة والعادة واللهجة بجلبهن، وربما حصل منهن إتعاب للزوج بكثرة طلبهن السفر إلى بلادهن، أو غير ذلك؟
أترضون أن تبقى بناتنا بدون أزواج يحصنون فروجهن وينجبن منهن الأولاد الذين بهم قرة أعينهن؟
إنه لا بد من أن يتزوج أبناؤنا ببناتنا، ولكن علينا أن نتعاون لتسهيل الطرق أمامهم مخلصين لله قاصدين بذلك تحصيل ما أمر الله به ورسوله، فإن الخير كل الخير في طاعة الله ورسوله.
ولقد منع رجال تزويج من لهن عليهن ولاية لينالوا حطاما من الدنيا فباءوا بالخسران والندامة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 32].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... إلخ...
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة