بقية عمر المؤمن لا قيمة له
الحمد لله عالم الغيب والشهادة، يعلم ما تسرون وما تعلنون، والله عليم بذات الصدور، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه الوافرة، وأسأله المزيد من بره وإحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، اتقوا الله في أقولكم وأعمالكم، وراقبوه في سركم وعلنكم، وافعلوا ما أمركم به من طاعته ومرضاته، واجتنبوا ما نهاكم عنه من معاصيه وأسباب سخطه، واعلموا –عباد الله-أن العمر ثمين، وأن بقية عمر المؤمن لا قيمة له، فلا يحسن بعاقل أن يضيع شيئا من عمره بلا فائدة، فإن ذلك ضياع له، وجهالة بمقداره، وإن ضياع العمر يأتي من طرق عديدة:إما بالبطالة وذهاب العمر سبهللا بلا منفعة دين ولا دنيا، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (إني لأرى الرجل لا في عمل دين ولا دنيا فأكرهه)، وقد قالت الحكماء: أهل الفراغ والبطالة ذوو خوض وإرجاف.
وأما أن يضيع العمر بالجهالة، وعدم معرفة ما ينفعه وما يضره، فيكون شبيها بالبهائم لا يفكر في أعماله، ولا في أقواله لا يميز بين ما يعود نفعه عليه، أو ما يعود ضرره عليه، فكره محصور فيما يتمناه، وقصارى أمره في تحصيل ما يحبه ويهواه، كأن هذه الدنيا هي المقصود والغاية، وكأن ما أمامه من آخرته أحلام وأوهام، فهذه حالة الجاهل الذي لا يعلم حقيقته، ولا يعقل عن الله أمره، وقد تعوذ أنبياء الله ورسله من الجهل، كما قال كليم الرحمن موسى ابن عمران-عليه السلام-: ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [البقرة: 67].
عباد الله: إن من ضياع العمر، وخسران الوقت ذهابه في المقاهي، والعكوف على الملاهي، ومجالسة أهل الجهالة والبطالة التي تحتوي مجالسهم على القيل والقال، والنزاع والجدال، والتفكه بأكل لحوم الناس، وأعراض الغافلين والغافلات، تراهم في كل باطل يخوضون، وفي كل واد يهيمون، وعلى عيب عباد الله يتجرأون، وإذا مروا بهم يتغامزون، يأكلون لحوم الإخوان، ويتناجون بالإثم والعدوان، نسوا مالهم من العيوب، وتعرضوا لعذاب علام الغيوب، تركوا ما يعنيهم، واشغلوا نفوسهم فيما لا يعنيهم، وفيما يروى من الآثار: إذا سقط العبد من عين الله، أشغله الله فيما لا يعنيه.
وإن من أعظم الرزية، وأكبر البلية على الأمة الإسلامية، أهل هذه المجالس الذين فاتهم كل خير، واتصفوا بكل ضير، فاحذروا عباد الله هذه المجالس، وابتعدوا عنها، وحذروا منها تفلحوا وتربحوا. أما مجالس من عقلوا عن الله أمره وخافوا عقابه، وامتثلوا أمره: فهي المجالس التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا». قالوا يا رسول الله، وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر».
فمجالس الذكر والعلم هي التي تحتوي على إصلاح حال، وإرشاد ضال، وتعليم جاهل، وتنبيه غافل، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وترغيب، وترهيب، وذكر لله، وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه خير المجالس، فاحرصوا –عباد الله-على أمثال هذه المجالس، والمثابرة عليها، وعودوا أبناءكم عليها، فإنها تقربكم من الله، وبسببها تزكوا نفوسكم، ويقوى إيمانكم، وتصلح أحوالكم، إن هذه المجالس وما تتضمنه من تلاوة لآيات الله، وأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتذكير بأيام الله، وتنبيه على آلائه ونعمه، وتخويف وترغيب تكون سببا يقربكم من طاعة الله، ويحبب إليكم الإيمان، ويكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلكم من الراشدين.
فرحم الله امرءًا أصلح حاله قبل ارتحاله، وعرف قدره ولم يتعد طوره، وأقبل على نفسه فهذَّبها، ونظر إلى عيوبها فأصلحها، فكانت شاغلة له عن عيوب الناس، فقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في إحدى خطبه: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة، ولم تستهوه البدعة ».
وقد روي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمرًا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو ذكر الله عز وجل».
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة