التزود لدار القرار
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً.و ﴿جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان: 62]. أحمده سبحانه محمدا كثيرا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الخلق طرا وأزكاهم طاعة وبرا. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله-تعالى-حق تقاته. واشكروه على ما أولاكم من فضله وإحسانه، فإن نعمه تتوالى عليكم وبها تنعمون، وتمر الليالي والأيام وأنتم العافية ترفلون، وفي غمرات الشهوات والغفلة لا هون.
واعلموا-عباد الله-أن مرور الأيام والشهور. والأعوام والدهور، معتبر للمعتبرين وتذكرة للمتبصرين، ومزرعة للعاملين يزداد فيها أهل العقول والبصائر معرفة بحقيقة هذه الحياة الدنيا وأنها دار سريعة الزوال، وشيكة الارتحال، ليست بدار إقامة وحبور، وإنما هي معبر ومرور، فذهاب البعض منها مؤذن بذهاب الكل. كم فرقت بين ابن وأبية! وأخ وأخيه! وجليس وجليسه! ومحب وحبيبه! كم فوتت فرصا! وجرعت غصصا! ولكنها مع ذلك مزرعة للآخرة، وخزائن تودع فيها الأعمال الصالحة المقربة إلى رحمة الله ورضوانه، فالعاقل من اغتنم أوقاته فيها، فقدم لنفسه ما يكون له ذخرا عند ربه، وفرجا له اشتداد كربه، يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، يوم لا ينفع مال ولا بنون: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: 34-37].
عباد الله: إنكم تودعون عاما قد انقضت أيامه ولياليه، وتطوى صحائفه على ما فيها من صلاح وأعمال مرضية، أو فساد وأعمال مخزية، ولا مطمع لأحد في تلافى ما مضى من الليالي والأيام إلا بالتوبة النصوح، والرجوع إلى الله-عز وجل-بقلب ملؤه الخوف والرجاء والندم على ما فرط ومضى من سيئ الأعمال، والعزم على استدراك ما فات من التفريط والإهمال، وعدم العودة إلى ما سلف وكان من قبيح الذنوب والآثام. وإنكم-عباد الله-تودعون عاما، وتستقبلون عاما آخر جديدا، لا يدري أحد منا هل يستكمله أو يخترمه أجله قبل استكماله.
بل والله ما ليلة تمر أو يوم يذهب إلا تخترم فيه أجساد سليمة. وأبدان صحيحة تم أجلها، وانقضى أمدها، وهذا مصداق حديث أصدق الخلق، وأنصحهم صلى الله عليه وسلم حينما يوصي أصحابه إذ يقول لعبد الله بن عمر: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل». وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك).
عباد الله: لقد أظلكم شهر حرام؛ شهر الله المحرم الذي هو مفتاح لكل عام، فأكثروا فيه من الصيام، واعمروه بالطاعة واجتناب الآثام، واستقبلوه بهمم إلى الخير ساعية، وآذان للمواعظ واعية، وقلوب لحقوق الله مراعية، وأكثروا ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات، فإن ذكر الموت نعم العون على الاستعداد، والباعث على التزود للمعاد، وإياكم والاغترار بطول السلامة والإمهال، ومتابعة كواذب المنى والآمال، فإنها من وساوس الشيطان ومن غرور النفس الأمارة بالسوء، فعما قرب تلاقون ربكم كما بدأكم أول مرة، وتعرضون للحساب على مثقال ذرة، فينظر أحدكم أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وأشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فيا له من حساب شديد، يشيب لهوله الوليد، يخاف منه أهل الطاعة، فكيف بأهل التفريط والإضاعة.
إنه يوم ما أطوله! وحساب ما أدقه وحاكم ما أعدله! وهول ما أعظمه: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى﴾ [المعارج: 6-18].
جعلني الله وإياكم من المنتفعين بالوعظ والتذكير، ونبهنا من سنة الغفلة والتقصير. ونفعني وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي سيد المرسلين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة