مجاهدة النفس على الطاعة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وتسابقوا لفعل الخيرات، وابتعدوا عن فعل المنكرات، وتفهموا كتاب ربكم تفلحوا، والزموا سنة نبيكم تهتدوا.
واعلموا –عباد الله- أن الله سبحانه وتعالى أمر بمجاهدة النفس على لزوم الطاعة، والبعد عن المعصية، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]. ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ».
ففي هذا دليل على أن جهاد النفس على الطاعة من أفضل الأعمال، كما أن المصابرة والمثابرة على أداء الواجبات، والبعد عن المحرمات، هو دأب الصالحين، ومن صفات عباد الله المؤمنين، ولا يكمل إيمان العبد إلا بالصبر، وكبح جماح النفس عن الانزلاق في المحرمات.
فالنفس كالطفل إن أهمل شب على الرضاع، وإن فطم أوان الفطام سلا عنه وكرهه، فهكذا العبد إذا صبر على أداء الواجبات، قام بها على وجهها في أوقاتها، وحبس نفسه عن مقارفة السيئات خوفاً من الله، وتعبداً وامتثالاً لأوامره سبحانه؛ أورثه ذلك طمأنينة وراحة نفسية، وأحس من نفسه محبة واشتياقا للطاعة، وأداء للواجب، وأصبحت المعاصي ومخالفة الأوامر الإلهية من أكره الأشياء إليه ؛لأنه بمجاهدته وجهاده لنفسه، وصبره ومصابرته حصل له عون من الله، فإذا علم الله من عبده حسن النية، وصدق القول، ومحبة القيام بما أوجب الله عليه، وظهر ذلك على جوارحه أعانه الله وسدده، وهيأ له أسباب ذلك. يقول سبحانه وتعالى:﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الحجرات: 7].
فتصير محبة العبد للطاعة، وكراهيته للمعصية صفة من صفاته، ويكون هواه فيما يحبه الله ويرضاه، في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ». وهذه علامة من علامات كمال إيمان العبد.
فعليكم –عباد الله- بالصبر على أداء الطاعات، ومجاهدة النفس على ذلك، فإنه لا يتم الإيمان إلا بالصبر، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا إيمان لمن لا صبر له». فعليك أيها المسلم بالحرص على الطاعات كلها، والصبر عليها لاسيما ما يتعدى نفعه، وينتفع به الغير من إخوانك المؤمنين، كتعليم القرآن والسنة، وإرشاد الضال، وتعليم الجاهل، وتنبيه الغافل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإغاثة الملهوفين، وإعانة المحتاجين، والتيسير على المعسرين.
وإن من أفضل الأعمال التذكير بعبادة الله، والنداء لحضور الصلوات الخمس في بيوت الله مع جماعة المسلمين، وهو الأذان الذي شرعه الله لنا ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه من أفضل الأعمال لمن قام به محتسبا مخلصا نيته لله، فقد ورد في ذلك الثواب العظيم، والفضل الجسيم، فقد روى مسلم عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة».
وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ». وروى الإمام أحمد والنسائي عن البراء وابن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن المؤذن يغفر له بمد صوته، ويستغفر له كل رطب ويابس سمع صوته».
ولقد تمنى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون مؤذنًا لولا مشاغله، ومهام عمله في القيام بخدمة الإسلام والمسلمين، فقد قال رضي الله عنه: لولا الخلافة لكنت مؤذنًا، وإن مما يؤسف له أن كثيرا من الناس زهدوا في القيام بأداء هذه العبادة الشريفة؛ التي رتب عليها صلى الله عليه وسلم ذلك الأجر الكبير، كما قد زهد كثير من الناس في الإمامة، وجعلوا يتدارؤونها، فنجد المسجد الواحد فيه مجموعة يحسنون القراءة، ويصلحون للإمامة، ومع ذلك يمتنع أحدهم عن القيام بها، وهذا في الحقيقة زهد في العمل الصالح، وركون إلى الكسل، وإخلاد إلى الراحة وتخلص من المسئولية، وطمع في سلامة العرض بزعمه، وهذا لا يتفق وفعل السلف الصالح من هذه الأمة، فإن القيام بوظيفة الإمامة والأذان مع حسن النية، وسلامة القصد من أفضل الأعمال، وفيها إعانة على الطاعة وتأسٍّ بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار، وقد سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله إمام قومه، فقال: «أنت إمامهم ».
وقد أمر صلى الله عليه وسلم أن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فلا ينبغي أن يتأخر الأقرأ والأعلم، ويتقدم من هو دونهما في القراءة والعلم، فقد روى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما: «من أم قومًا وفيهم من هو أقرأ لكتاب الله منه لم يزل في سفال إلى يوم القيامة».
وإن التأخر عن الإمامة والزهد فيها من علامات الساعة كما روى الإمام أحمد وأبو داود عن سلامة بنت الحر قالت:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إمامًا يصلي بهم».
فعليكم عباد الله بالحرص على الأذان، وعلى الإمامة لتحوزوا الأجر من الله إذا حسن القصد وخلصت النية لله، وتعرضوا لدعواته صلى الله عليه وسلم فقد جاء في السنن مرفوعاً يقول صلى الله عليه وسلم: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤمنين». وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في المؤذنين الصلحاء وهو قوله تعالى:﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: 33].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
- التحذير من التطفيف في المكاييل والموازين
- أحوال الإِنسان في هذه الدنيا
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام هذا الدين
- بر الوالدين
- صفة النبي صلى الله عليه وسلم
- حماية النبي لجناب التوحيد
- صلة الرحم
- فضل قراءة القرآن الكريم
- الاستعداد ليوم التلاق
- وجوب العدل بين الأولاد
- حكم شرب الدخان ومضاره
- الاستعداد ليوم المعاد
- التزود لدار القرار
- استتباب الأمن بتطبيق أحكام الشريعة
- بقية عمر المؤمن لا قيمة له
- الرجوع إلى الله
- الحث على الصدق .. وقصة كعب بن مالك
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (1)
- شروط النكاح وكيفية طلاق السنة (2)
- سجود السهو
- زكاة الأموال وعروض التجارة
- أحكام الجنائز
- إقامة حدود الله
- التحذير من زعزعة أمن واستقرار البلاد
- الاستقامة
- التمسك بدين الإسلام
- إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً
- مواضع الدعاء لله عز وجل
- الدين النصيحة
- صفة الصلاة
- صلة الأرحام
- نجاة المتقين
- شيء من آيات الله تعالى الدالة على قدرته (1)
- معنى الأمانة وشمولها لجميع الأعمال
- ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح
- وجوب رعاية الأولاد والأهل
- نماذج من أحكام الصلاة
- وجوب رعاية المرأة ومنعها من التبرج
- من عليه مسؤولية رعاية المرأة؟
- كيفية الوضوء
- الخوف والرجاء من الله
- أمانة الأموال والأولاد
- نعمة الإسلام
- الأخوة الإيمانية وثمراتها
- وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
- فيما يجب أن يكون عليه بيت المسلم
- من صفات المؤمنين في القرآن
- وجوب اتباع الكتاب والسنة والنهي عن الابتداع في شعبان وغيره
- في تحريم أذية المسلمين في مرافقهم
- تنقية الأموال
- وصية لقمان لابنه
- أنواع السعادة
- إنفاق المال في طرق الخير بوقف أو غيره
- مشكلة مغالاة المهور ومنع الأولياء
- من سنن الفطرة
- مسؤولية الإنسان المؤمن في الحياة
- فضل صلاة التطوع
- وجوب طاعة الله وطاعة رسوله
- نماذج من أنواع الظلم
- وجوب التناصح بين الرعية والرعاة
- حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال
- شيء من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
- عذاب النار
- عقوبة القاتل عمدًا
- غزوة أحد
- غزوة الخندق
- غزوة خيبر
- نعيم الجنة
- الأمانة
- التحذير من البدع
- قصة موسى مع فرعون
- كمال الإسلام ويسره وسهولته
- ما يحرم من اللباس
- مبدأ حياة النبي بعد البعثة
- مضار الخمر والتحذير منه
- من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه في الشدة
- من مفاسد الزنا
- وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به
- التقوى ومجالاتها
- واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
- فضل الصلاة وكفر تاركها
- نماذج من عذاب النار
- وجوب إعداد القوة للأعداء
- الأمن من ضروريات الحياة
- مسؤولية الإمام والمأموم
- من حقوق الله تعالى وحقوق الخلق
- نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا
- نماذج من شروط الصلاة وأركانها
- حاسبوا أنفسكم ما دمتم في زمن الإمكان
- مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
- أولادكم أمانة في أعناقكم
- اغتنام أيام العمر بالعمل الصالح
- الاستقامة على الطاعة | بعد انتهاء موسم الحج
- الاستقامة على النهج السليم
- الحصول على الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح
- القيام بالواجبات وترك المنهيات
- قصة موسى وفرعون
- ما تحصل به السعادة
- مجاهدة النفس على الطاعة
- مجاهدة النفس
- وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه
- المثابرة على الأعمال الصالحة